..
مكتبة بلدية نابلس العامة
نشر الثقافة وحفظ التراث
في مثل هذا اليوم.. يوم السبت التاسع من تموز من العام 1960م كانت نابلس على موعد مع افتتاح هذا الصرح الثقافي بحضور لافت، وبرعاية ملكية من الملك الأردني الراحل الحسين بن طلال، وبحضوره شخصيا مع وفد رسمي كبير، وبمشاركة شعبية من كبار رجالات المدينة ومثقفيها وتربوييها، حيث قص شريط الافتتاح بيده وخط بقلمه وتوقيعه مفتتحا سجل كبار الزائرين.
شكل العمل الثقافي والفني جانبا معتبرا في أعمال بلدية نابلس منذ الفترات الأولى لتأسيس البلدية قبل مائة وخمسين عاما ونيّف، وحتى اليوم، وعليه فقد جاء افتتاح مكتبة بلدية نابلس تأكيدا على دور البلدية المجتمعي والثقافي، متوافقا مع قانون البلديات الأردني الصادر في العام 1955م وتعديلاته، والذي نص بوضوح بأن يكون تأسيس مكتبة عامة في البلديات جزءا من مهامها. وصدر القرار التأسيسي عن لجنة البلدية التي رئسها اللواء شاهر المحيسن في العام 1958م وقبل عامين من الشروع الفعلي بأعمالها نظرا لعدم توفر مبنى معدّا ومجهزا للمكتبة حين القرار، كما لم تكن الأموال اللازمة لبناء مبنى خاص متوفرة بالرغم من إعداد البلدية لمخططات كاملة لإنشاء مبنى جديد لها.
وفي شباط من العام 1960م، في عهد المجلس البلدي الذي رئسه الدكتور أحمد السروري، كانت أولى الخطوات باعتماد مبنى المكتبة الحالي (المنشية) وموقعه الهادئ الجميل ليكون مقرا للمكتبة العامة ومنطلقا لأعمالها.
يحق لمكتبة بلدية نابلس العامة اليوم أن تزهو بين المكتبات العريقة بأعداد كتبها التي جاوزت الـ (125) ألف كتاب، في مختلف ميادين المعرفة ولأئمة الفكر والكتابة والتأليف، وبمقتنياتها الفريدة من الوثائق والأرشيف الصحفي والسجلات التاريخية لبلدية نابلس منذ العام 1891 وغيرها.
تستلقي مكتبة بلدية نابلس العامة منذ العام 1960، في حديقتها التاريخية الغنّاء، بين أشجار النارنج اليافاوية وبعبق أزهار الياسمين وتظللها أشجار الصنوبر الباسقة وأصوات الطيور وخرير ماء بركتها الجميلة، أشجار فارعة الطول، وساحات واسعة، كلها تتجمع في مكان واحد عُرف بـين السكان باسم “المنشية”.
تعددت أدوار هذا المبنى منذ أصل بنائه قبل ما يزيد عن مائة عام ليكون خادما للحديقة، إلى أن أصبح اليوم مبنى متكاملا أخذ قيمته وأعطاها للحديقة ذاتها ليكونا معا موقعا لهذه المؤسسة الثقافية العريقة، مكتبة بلدية نابلس العامة.
ولئن كانت موجودات المكتبة القيمة تضيق بها جدران المكان وخزائن الكتب إلا أنها اكتسبت أيضا مكانتها الوجدانية والوجودية منه، وأصبحت معه تمثل قيمة لا يستهان بها تجعل من غير الممكن استخدامها في أي غرض آخر غير أن يكون “مكتبة”.